كانت الحياة بسيطة.. ونتحرى الرؤية من أعلى الجبال
خميس بن سالم الشيدي يستذكر رمضان زمان:-
صحم ـ أحمد البريكي -
في هذه الزاوية اليومية التي يستذكر فيها كبار السن ذكرياتهم مع شهر رمضان المبارك خلال العقود الماضية يوم كان الزمان غير الزمان والتفاصيل غير التفاصيل.. نقف اليوم مع الوالد خميس بن سالم بن راشد الشيدي من قرية شيدة بولاية صحم. والوالد خميس معلم القرآن الكريم في القرية منذ سنوات بعيدة، وهو إمام المسجد أيضا. ورغم عمره الذي بلغ ٨٠ سنة إلا أنه كان مليئا بالنشاط والحيوية، بل إنه ذهب بنا إلى جولة صباحية في الحارة القديمة وعند منبع الفلج الذي يسقي المزارع على مدار العام دون انقطاع.
يستذكر الوالد خميس الشيدي أنه صام رمضان لأول مرة يوم كان عمره تسع سنوات. يقول كنا نذهب لرؤية هلال رمضان فوق جبل اسمه «جبل المساطيح» وهو أحد الجبال الشاهقة في قرية شيده.. وكان آن ذاك خالي حمد رحمة الله عليه معروف بقوة نظره حيث كان يرى النجوم وقت الظهيرة، وكانت الناس تعتمد عليه في رؤية الهلال، وكنا نذهب على الجمال لإبلاغ القرى المجاورة برؤية الهلال فيصبح الجميع صائما. يسير الوالد خميس حثيثا وهو يتحدث عن مكونات الإفطار في تلك الأزمنة البعيدة فيقول: كانت مائدة الإفطار تتكون في أغلب الوقت من التمر واللبن والماء، لم تكن المائدة عامرة بما هي عليه اليوم من نعم وخيرات، رغم ذلك كنا نعمل طوال اليوم في النخيل تحديرا وتوضيعا، وكنا نفترش ليف النخيل بعد أن نقوم بوضعه داخل الماء ونجعله سريراً لنا للنوم عليه حتى يقينا من حرارة الشمس والبعض الآخر ينام حتى وقت المغرب من التعب فيتم البحث عنه ويجدونه الأهالي نائماً تحت الأشجار أو في موقع الوادي وتحت ظل الجبال هارباً من حرارة الشمس.
ويضيف الوالد خميس: بعد صلاة التراويح نتجمع في مكان واحد ونتناول الطعام والذي كان يتميز بالبساطة ويضم أصنافا تقليدية مثل التمر بأنواعه المختلفة والخبيصة، والعصيدة، واللبن وغيرها من الأكلات الشعبية. ويضيف: لم يكن للناس ما يعملون فيه غير مزارعهم.
ويقول الوالد خميس: كنا نتعلم القرآن الكريم أيام الشهر الفضيل وكان المعلم في ذلك الوقت مرهون بن عبدالله الشيدي- رحمه الله- وعندما نختم القرآن ندفع له 60 قرشاً وعندما تولى السلطان الراحل قابوس، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في البلاد ذهبت إلى روي بالتحديد مجمع الوزارات وكان الشيخ الوليد بن زاهر بن غصن الهنائي وزير الأوقاف في ذلك الوقت وكان سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة هو من يقوم بإجراء الاختبارات لمن يتم اختياره مدرسا للقرآن، فدخلت عليه فسألني هل تحفظ القرآن، وطلب مني قراءة «وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ» صدق الله العظيم، وبعد أن قرأتها طلب مني كتابة الحديث «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.. إلى آخر الحديث وعندما انتهيت قال لي سماحة الشيخ أحمد اذهب الآن وقم بتدريس أبناء قريتك. وعدت وفتحت مدرسة لتعليم القرآن الكريم بـ30 قرشاً والحمد لله جميع من علمتهم القرآن أصبحوا اليوم معلمين، ومن ضمنهم ابني سيف وهو حافظ للقرآن الكريم، وصار أكثر مني حفظا.